Add parallel Print Page Options

تَذَمُّرُ الشَّعْب

11 وَحِينَ بَدَأ الشَّعْبُ يَتَذَمَّرُونَ بِشِدَّةٍ أمَامَ اللهِ، سَمِعَ اللهُ تَذَمُّرَهُمْ وَغَضِبَ جِدًّا. فَخَرَجَتْ نَارٌ مِنَ اللهِ عَلَيْهِمْ وَالتَهَمَتْ بَعْضَ الخِيَمِ فِي أطرَافِ المُخَيَّمِ. فَصَرَخَ الشَّعْبُ إلَى مُوسَى طَالِبِينَ العَونَ، فَصَلَّى مُوسَى إلَى اللهِ، فَخَمَدَتِ النَّارُ. وَلِذَا دَعُوا ذَلِكَ المَكَانَ تَبْعِيرَةَ،[a] لِأنَّ نَارًا مَنْ عِندِ اللهِ خَرَجَتْ عَلَيْهِمْ هُنَاكَ.

اختِيَارُ السَّبعِينَ شَيْخَا

وَاشتَهَى الغُرَبَاءُ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ مِصْرٍ مَعَ بَنِي إسْرَائِيلَ طَعَامًا أفْضَلَ. وَبَكَى بَنُو إسْرَائِيلَ ثَانِيَةً وَقَالُوا: «مَنْ يُعطِينَا لَحْمًا لِنَأكُلَ؟ نَحْنُ نَتَحَسَّرُ عَلَى السَّمَكِ الَّذِي كُنَّا نَأكُلُهُ فِي مِصْرٍ مَجَّانًا. وَكَذَلِكَ عَلَى الخِيَارِ وَالبَطِّيخِ وَالكُرَّاثِ وَالبَصَلِ وَالثَّومِ. أمَّا الآنَ فَقَدْ فَقَدْنَا شَهِيَّتَنَا، فَلَيْسَ هُنَاكَ سِوَى هَذَا المَنِّ لِنَنظُرَ إلَيْهِ.»

كَانَ المَنُّ كَبُذُورِ الكُزبَرَةِ، وَلَونُهُ كَالصَّمغِ. فَانتَشَرَ النَّاسُ وَجَمَعُوا المَنَّ. فَكَانُوا يَطْحَنُونَهُ بَحَجَرَيِّ الرَّحَى أوْ يَدُقُّونَهُ فِي الهَاوِنِ. ثُمَّ يَسْلُقُونَهُ فِي قِدْرٍ وَيَصْنَعُونَ مِنْهُ كَعْكًا، طَعمُهُ كَطَعمِ الكَعْكِ المَقلِيِّ بِالزَّيْتِ. فَحِينَ كَانَ النَّدَى يَأْتِي عَلَى أرْضِ المُخَيَّمِ فِي اللَّيلِ، كَانَ المَنُّ يَنْزِلُ مَعَهُ.

10 فَسَمِعَ مُوسَى الشَّعْبَ يَبْكُونَ فِي عَشَائِرِهِمْ، كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى مَدْخَلِ خَيْمَتِهِ. فَغَضِبَ اللهُ جِدًّا، وَتَضَايَقَ مُوسَى مِنْ كُلِّ هَذَا. 11 وَقَالَ مُوسَى للهِ: «لِمَاذَا سَبَّبْتَ لِي الضِّيقَ وَأنَا خَادِمُكَ؟ لِمَاذَا لَمْ أحظَ بِرِضَاكَ؟ لِمَاذَا جَعَلْتَ مَسؤُولِيَّةَ هَذَا الشَّعْبِ وَحِملَهُ عَلَى أكتَافِي؟ 12 هَلْ حَبِلْتُ بِكُلِّ هَذَا الشَّعْبِ؟ هَلْ وَلَدْتُهُمْ حَتَّى تَقُولَ لِي: ‹احْمِلْهُمْ فِي حِضْنِكَ كَالمُرَبِّيَةِ الَّتِي تَحْمِلُ طِفْلًا، إلَى الأرْضِ الَّتِي وَعَدْتُ بِأنْ أُعْطِيَهَا لِآبَائِهِمْ؟› 13 مِنْ أيْنَ لِي لَحْمٌ لِأُعْطِيَ كُلَّ هَذَا الشَّعْبِ حِينَ يَبْكُونَ أمَامِي وَيَقُولُونَ: ‹أعْطِنَا لَحْمًا لِنَأكُلَ؟› 14 لَا أسْتَطِيعُ أنْ أهتَمَّ بِكُلِّ هَذَا الشَّعْبِ وَحْدِي، لِأنَّهُ أكْثَرُ مِمَّا أسْتَطِيعُ قِيَادَتَهُ. 15 فَإنْ كُنْتَ سَتُعَامِلُنِي هَكَذَا، فَأسألُكَ أنْ تَقْتُلَنِي، إنْ حَظِيتُ بِرِضَاكَ، وَلَا تَدَعْنِي أرَى بَلِيَّتِي وَبُؤْسِي أكْثَرَ.»

16 فَقَالَ اللهُ لِمُوسَى: «اجْمَعْ لِي سَبعِينَ مِنْ شُيُوخِ إسْرَائِيلَ تَعْرِفُ أنَّهُمْ شُيُوخٌ وَقَادةٌ لِلشَّعْبِ. أحضِرْهُمْ إلَى خَيْمَةِ الِاجْتِمَاعِ وَأوقِفْهُمْ هُنَاكَ مَعَكَ. 17 فَسَأنزِلُ وَأتَكَلَّمُ مَعَكَ هُنَاكَ. سَآخُذُ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْكَ وَأضَعُ عَلَيْهِمْ، فَيُسَاعِدُونَكَ فِي الِاهتِمَامِ بِالشَّعْبِ حَتَّى لَا تَهْتَمَّ بِهِمْ وَتَحْمِلَ مَسْؤُولِيَّتَهُمْ وَحْدَكَ.

18 «وَقُلْ لِلشَّعْبِ: قَدِّسُوا أنْفُسَكُمْ لِأجْلِ الغَدِ، وَسَتَأْكُلُونَ لَحْمًا، لِأنَّكُمْ بَكَيتُمْ أمَامَ اللهِ وَقُلْتُمْ: ‹مَنْ يُعطِينَا لَحْمًا لِنَأكُلَ؟ كَانَ الوَضعُ فِي مِصْرٍ أفْضَلَ.› سَيُعطِيكُمُ اللهُ لَحْمًا فَتَأْكُلُونَهُ. 19 وَلَنْ تَأْكُلُوا مِنْهُ لِيَومٍ أوِ يَومينِ أوْ خَمْسَةِ أيَّامٍ أوْ عَشْرَةٍ أوْ عِشْرِينَ يَومًا، 20 لَكِنَّكُمْ سَتَأْكُلُونَ لَحْمًا لِشَهرٍ كَامِلٍ إلَى أنْ يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرِكُمْ فَتَقْرَفُونَهُ! لِأنَّكُمْ رَفَضْتُمْ اللهَ السَّاكِنَ فِي وَسَطِكُمْ، وَبَكَيتُمْ أمَامَهُ وَقُلْتُمْ: ‹لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرٍ؟›»

21 ثُمَّ قَالَ مُوسَى للهِ: «مَعِي سِتُّ مِئَةِ ألْفِ رَجُلٍ، وَمَعَ هَذَا فَأنْتَ تَقُولُ: ‹سَأُعْطِيهِمْ لَحْمًا، وَسَيَأْكُلُونَ مِنْهُ لِمُدَّةِ شَهرٍ كَامِلٍ.› 22 إنْ ذُبِحَتِ الأغْنَامُ وَالأبْقَارُ، فَهَلْ سَيَكُونُ ذَلِكَ كَافِيًا لَهُمْ؟ وَحَتَّى لَوْ اصْطَدْنَا كُلَّ سَمَكِ البَحْرِ فَلَنْ يَكْفِيَهُمْ.»

23 فَقَالَ اللهُ لِمُوسَى: «هَلْ قُدْرَةُ اللهِ مَحْدُودَةٌ؟ سَتَرَى الآنَ إنْ كَانَ مَا قُلْتُهُ سَيَتِمُّ أمْ لَا.»

24 فَخَرَجَ مُوسَى وَأخبَرَ الشَّعْبَ بِمَا قَالَهُ اللهُ، وَجَمَعَ السَّبعِينَ رَجُلًا مِنْ شُيُوخِ إسْرَائِيلَ وَجَعَلَهُمْ يَقِفُونَ حَوْلَ الخَيْمَةِ. 25 ثُمَّ نَزَلَ اللهُ فِي السَّحَابَةِ وَتَكَلَّمَ إلَى مُوسَى. وَأخَذَ اللهُ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ عَلَى مُوسَى وَوَضَعَهُ عَلَى السَّبعِينَ شَيخًا. وَحِينَ حَلَّ الرُّوحُ عَلَيْهِمْ بَدَأُوا يَتَنَبَّأُونَ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَنَبَّأُوا مَرَّةً ثَانِيَةً.

26 وَكَانَ اثْنَانِ مِنَ الرِّجَالِ قَدْ بَقِيَا فِي المُخَيَّمِ، وَكَانَ اسْمُ أحَدِهِمَا ألْدَادَ وَاسْمُ الثَّانِي مِيدَادَ. وَحَلَّ الرُّوحُ عَلَيْهِمَا. وَكَانَا مِنْ ضِمنِ المُسَجَّلِينَ، وَلَكِنَّهُمَا لَمْ يَخْرُجَا إلَى خَيْمَةِ الِاجْتِمَاعِ، وَلِذَا كَانَا يَتَنَبَّآنِ فِي المُخَيَّمِ. 27 فَرَكَضَ شَابٌّ وَقَالَ لِمُوسَى: «ألْدَادُ وَمِيدَادُ يَتَنَبَّآنِ فِي المُخَيَّمِ.»

28 فَقَالَ يَشُوعُ بْنُ نُونٍ مُسَاعِدُ مُوسَى مُنْذُ شَبَابِهِ: «يَا سَيِّدِي مُوسَى، أوقِفْهُمَا.» 29 فَقَالَ مُوسَى لَهُ: «أتَغَارُ عَلَيَّ؟ إنَّنِي أتَمَنَّى لَوْ أنَّ كُلَّ شَعْبِ اللهِ كَانُوا أنْبِيَاءَ، إذْ يَضَعُ اللهُ رُوحَهُ عَلَيْهِمْ.» 30 ثُمَّ رَجِعَ مُوسَى وَالشُّيُوخُ إلَى المُخَيَّمِ.

طُيُورُ السَّلوَى

31 وَهَبَّتْ رِيحٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ، فَسَاقَتْ طُيُورَ السَّلوَى مِنَ البَحْرِ، وَنَشَرَتْهَا حَوْلَ المُخَيَّمِ. كَانَتِ الطُّيُورُ عَلَى بُعْدِ مَسِيرِ يَوْمٍ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِ المُخَيَّمِ، وَعَلَى ارْتِفَاعِ ذِرَاعَيْنِ![b] 32 فَقَامَ النَّاسُ وَجَمَعُوا مِنَ السَّلوَى طِيلَةَ ذَلِكَ اليَوْمِ وَتِلْكَ اللَّيلَةِ وَاليَوْمِ التَّالِي. وَأقَلُّ كَمِّيَّةٍ جَمَعَهَا فَرْدٌ وَاحِدٌ، كَانَتْ نَحْوَ عَشْرَةِ أكيَاسٍ كَبِيرَةٍ! وَنَشَرُوا السَّلوَى حَوْلَ المُخَيَّم.

33 وَبَيْنَمَا كَانَ اللَّحمُ مَا يَزَالُ بَيْنَ أسنَانِهِمْ، وَقَبْلَ أنْ يُلتَهَمَ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى الشَّعْبِ، وَأرْسَلَ اللهُ مَرَضًا فَظِيعًا عَلَى الشَّعْبِ. 34 وَلِذَا دَعَوا ذَلِكَ المَكَانَ قَبَرُوتَ هَتَّأوَةَ،[c] لِأنَّهُمْ هُنَاكَ دَفَنُوا ذَوِي الشَّهوَةِ.

35 وَمِنْ قَبَرُوتَ هَتَّأوَةَ ارْتَحَلَ الشَّعْبُ إلَى حَضَيرُوتَ وَمَكَثُوا فِيهَا.

Footnotes

  1. 11‏:3 تبعيرة أيْ «اشتعَال.»
  2. 11‏:31 ذرَاعين مفردهمَا ذِرَاعٌ، وَهِيَ وِحدةٌ لقيَاسِ الطُولِ تُعَادلُ أرْبَعةً وَأرْبَعينَ سنتِمترًا وأربعة ملمترَات (وَهِيَ الذّرَاعُ القصيرةُ). أوْ تُعَادلُ إحْدى وَخَمْسِينَ سنتِمترًا وثمَاني ملمترَات (وَهِيَ الذّرَاعُ الطّويلةُ – الرّسميةُ). وَالأغلَبُ أنَّ القيَاسَ هُنَا هُوَ بِالذِّرَاعِ القصيرةِ.
  3. 11‏:34 قَبَرُوتَ هَتَّأوَة مَعْنَاهُ «قبور الشّهوة.»

نار من عند الرب

11 وَرَاحَ الشَّعْبُ يَتَذَمَّرُ فِي مَسْمَعِ الرَّبِّ وَكَأَنَّ شَرّاً أَصَابَهُمْ، فَاحْتَدَمَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْهِمْ، وَانْدَلَعَتْ فِيهِمْ نَارُهُ وَأَحْرَقَتْ طَرَفَ الْمُخَيَّمِ، فَصَرَخُوا إِلَى مُوسَى، فَصَلَّى مُوسَى إِلَى الرَّبِّ فَخَمِدَتِ النَّارُ، فَدُعِيَ ذَلِكَ الْمَكَانُ «تَبْعِيرَةَ» (وَمَعْنَاهُ: اشْتِعَالٌ) لأَنَّ نَارَ الرَّبِّ اشْتَعَلَتْ فِيهِمْ.

السلوى من عند الرب

وَاشْتَهَى أَخْلاطُ الأُمَمِ الْمُقِيمُونَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مِمَّنْ خَرَجُوا مَعَهُمْ مِنْ مِصْرَ، طَعَامَ مِصْرَ، فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَبْكُونَ قَائِلِينَ: «مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً؟ لَقَدْ تَذَكَّرْنَا سَمَكَ مِصْرَ الَّذِي كُنَّا نَأْكُلُهُ مَجَّاناً، وَالقِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاتَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ، أَمَّا الآنَ فَقَدْ فَقَدْنَا شَهِيَّتَنَا وَهُزِلْنَا، وَلَيْسَ أَمَامَ أَعْيُنِنَا سِوَى هَذَا الْمَنِّ». وَكَانَ الْمَنُّ فِي حَجْمِ بُذُورِ الْكُزْبَرَةِ، وَشَكْلُهُ مُمَاثِلاً لِلْمُقْلِ. وَكَانَ الشَّعْبُ يَطُوفُونَ لِيَجْمَعُوهُ ثُمَّ يَطْحَنُونَهُ بِالرَّحَى أَوْ يَدُقُّونَهُ فِي الْهَاوَنِ وَيَطْبُخُونَهُ فِي الْقُدُورِ أَوْ يَخْبِزُونَهُ عَلَى حِجَارَةٍ مُحَمَّاةٍ. وَكَانَ طَعْمُهُ كَطَعْمِ قَطَائِفَ بِزَيْتٍ. وَكَانَ الْمَنُّ يَنْزِلُ بِنُزُولِ النَّدَى عَلَى الْمُخَيَّمِ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ.

10 فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى بُكَاءَ جَمِيعِ أَفْرَادِ الشَّعْبِ، كُلٍّ أَمَامَ بَابِ خَيْمَتِهِ، وَرَأَى احْتِدَامَ غَضَبِ الرَّبِّ الشَّدِيدِ اعْتَرَاهُ الاسْتِيَاءُ. 11 فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «لَمَاذَا أَسَأْتَ إِلَى عَبْدِكَ وَلَمْ تَرْضَ عَنْهُ حَتَّى إِنَّكَ حَمَّلْتَهُ مَسْؤولِيَّةَ هَذَا الشَّعْبِ؟ 12 أَلَعَلِّي حَبِلْتُ بِهِ أَوْ وَلَدْتُهُ، حَتَّى تَقُولَ لِي احْمِلْهُ فِي حِضْنِكَ كَمَا يَحْمِلُ الْمُرَبِّي الرَّضِيعَ، وَقُدْهُ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي وَعَدْتَ بِها آبَاءَهُ. 13 مِنْ أَيْنَ أَجِيءُ بِلَحْمٍ يَكْفِي جَمِيعَ هَذَا الشَّعْبِ؟ فَإِنَّهُمْ يَبْكُونَ إِلَيَّ قَائِلِينَ: أَعْطِنَا لَحْماً لِنَأْكُلَ. 14 إِنَّنِي عَاجِزٌ عَنْ حَمْلِ عِبْءِ هَذَا الشَّعْبِ وَحْدِي لأَنَّهُ ثَقِيلٌ عَلَيَّ. 15 إِنْ كُنْتَ سَتُعَامِلُنِي هَكَذَا، فَاقْتُلْنِي، إِنْ حَظِيتُ بِرِضَاكَ، فَلا أَشْهَدُ بَلِيَّتِي».

16 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اجْمَعْ إِلَيَّ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنَ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ مِمَّنْ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ حَقّاً شُيُوخُ الشَّعْبِ وَعُرَفَاؤُهُ، وَأَقْبِلْ بِهِمْ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِيَمْثُلُوا مَعَكَ هُنَاكَ. 17 فَأَنْزِلَ وَأُخَاطِبَكَ هُنَاكَ، وَآخُذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْكَ وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ، فَيُعِينُونَكَ فِي حَمْلِ مَسْؤولِيَّةِ الشَّعْبِ، فَلا تَحْمِلُهَا أَنْتَ وَحْدَكَ. 18 وَقُلْ لِلشَّعْبِ، أَنْ يَتَقَدَّسُوا لِلْغَدِ، فَيَأْكُلُوا لَحْماً، لأَنَّكُمْ قَدْ بَكَيْتُمْ فِي أُذُنَي الرَّبِّ مُتَسَائِلِينَ: مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً؟ لَقَدْ كَانَ لَنَا خَيْرٌ فِي مِصْرَ. إِنَّ الرَّبَّ سَيُعْطِيكُمْ لَحْماً فَتَأْكُلُونَ. 19 وَسَتَأْكُلُونَهُ لَا لِيَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلا لِيَوْمَيْنِ، وَلا لِخَمْسَةِ أَيَّامٍ أَوْ لِعَشْرَةِ أَيَّامٍ وَلا لِعِشْرِينَ يَوْماً، 20 بَلْ لِشَهْرٍ كَامِلٍ إِلَى أَنْ تَعَافُوهُ وَيَخْرُجَ مِنْ أُنُوفِكُمْ، لأَنَّكُمْ رَفَضْتُمُ الرَّبَّ الَّذِي فِي وَسَطِكُمْ، وَبَكَيْتُمْ لَدَيْهِ قَائِلِينَ: لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ؟» 21 فَقَالَ مُوسَى: «هَذَا الشَّعْبُ الَّذِي أَنَا قَائِمٌ فِي وَسَطِهِ نَحْوَ سِتِّ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ، مَاعَدَا النَّسَاءَ وَالأَطْفَالَ، وَأَنْتَ تَقُولُ إِنَّكَ سَتُعْطِيهِمْ لَحْماً لِيَأْكُلُوا شَهْراً كَامِلاً، 22 فَمَهْمَا ذُبِحَ مِنْ غَنَمٍ وَبَقَرٍ أَيَكْفِيهِمْ؟ أَمْ يَكْفِيهِمْ لَوْ جُمِعَ كُلُّ سَمَكِ الْبَحْرِ؟» 23 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «هَلْ تَعْجَزُ يَدُ الرَّبِّ؟ انْتَظِرِ الآنَ لِتَرَى إِنْ كَانَ يَتَحَقَّقُ كَلامِي أَمْ لا».

24 فَخَرجَ مُوسَى وَكَلَّمَ الشَّعْبَ بِمَا قَالَهُ الرَّبُّ، وَجَمَعَ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَأَوْقَفَهُمْ حَوْلَ الْخَيْمَةِ. 25 فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي سَحَابَةٍ وَخَاطَبَهُ، وَأَخَذَ مِنَ الرُّوحِ الْحَالِّ عَلَيْهِ وَوَضَعَهُ عَلَى السَّبْعِينَ رَئِيساً. فَلَمَّا حَلَّ عَلَيْهِمِ الرُّوحُ تَنَبَّأُوا لِفَتْرَةٍ وَتَوَقَّفُوا. 26 وَكَانَ قَدْ بَقِيَ اثْنَانِ مِنَ الشُّيُوخِ الْمُسَجَّلِينَ بَيْنَ السَّبْعِينَ فِي الْمُخَيَّمِ لَمْ يَأْتِيَا إِلَى الْخَيْمَةِ، اسْمُ أَحَدِهِمَا أَلْدَادُ، وَاسْمُ الآخَرِ مِيدَادُ. فَحَلَّ عَلَيْهِمَا الرُّوحُ فَتَنَبَّآ فِي الْمُخَيَّمِ. 27 فَأَسْرَعَ أَحَدُ الشُّبَّانِ وَأَخْبَرَ مُوسَى بِذَلِكَ، 28 فَقَالَ يَشُوعُ بْنُ نُونَ، مُسَاعِدُ مُوسَى مُنْذُ حَدَاثَتِهِ: «يَا سَيِّدِي، امْنَعْهُمَا!» 29 غَيْرَ أَنَّ مُوسَى قَالَ لَهُ: «هَلْ مَلَأَتْكَ غَيْرَةٌ عَلَيَّ؟ لَيْتَ كُلَّ شَعْبِ الرَّبِّ يُصْبِحُونَ أَنْبِيَاءَ يَحِلُّ عَلَيْهِمِ الرَّبُّ بِرُوحِهِ».

30 ثُمَّ رَجَعَ مُوسَى وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمُخَيَّمِ.

31 فَهَبَّتْ رِيحٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ سَاقَتِ السُّمَانِيَ مِنْ جِهَةِ الْبَحْرِ وَأَسْقَطَتْهَا عَلَى الْمُخَيَّمِ، نَحْوَ مَسِيرَةِ يَوْمٍ، مِنْ كِلا جِهَتَيْهِ وَحَوَالَيْهِ، وَتَرَاكَمَ حَتَّى بَلَغَ ارْتِفَاعُهُ ذِرَاعَيْنِ (نَحْوَ مِتْرٍ) فَوْقَ وَجْهِ الأَرْضِ. 32 فَهَبَّ الشَّعْبُ طَوَالَ ذَلِكَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَكُلَّ نَهَارِ الْيَوْمِ التَّالِي يَلْتَقِطُونَ السُّمَانِيَ. فَكَانَتْ أَقَلُّ كَمِّيَّةٍ جُمِعَتْ حَوَالَيْ عَشْرَةِ حَوَامِرَ (نَحْوَ أَلْفَيْنِ وَأَرْبَعَ مِئَةِ لِتْرٍ)، ثُمَّ نَشَرُوهَا حَوْلَ الْمُخَيَّمِ لِتَجِفَّ. 33 وَإِذْ كَانُوا مَازَالُوا يَمْضُغُونَ اللَّحْمَ، احْتَدَمَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْهِمْ، فَأَفْشَى بَيْنَهُمْ وَبَأً مُمِيتاً، 34 فَدَعُوا الْمَكَانَ «قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ» (وَمَعْنَاهُ قُبُورُ الشَّهْوَةِ) لأَنَّهُمْ هُنَاكَ دَفَنُوا الْقَوْمَ الْمُشْتَهِينَ. 35 ثُمَّ ارْتَحَلَ الشَّعْبُ مِنْ قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ إِلَى حَضَيْرُوتَ وَمَكَثُوا فِيهَا.