Add parallel Print Page Options

الحَيَاةُ فِي الرُّوح

إذًا لَا دَينُونَةَ الآنَ عَلَى مَنْ هُمْ فِي المَسِيحِ يَسُوعَ. فَفِي المَسِيحِ يَسُوعَ، حَرَّرَتكَ[a] شَريعَةُ الرُّوحِ المُحْيِي مِنْ شَرِيعَةِ الخَطِيَّةِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى المَوْتِ. فَقَدْ حَقَّقَ اللهُ مَا عَجِزَتِ الشَّرِيعَةُ عَنْ تَحْقِيقِهِ. حَيْثُ إنَّ الطَّبِيعَةَ الجَسَدِيَّةَ جَعَلَتِ الشَّرِيعَةَ عَاجِزَةً. وَهَكَذَا أرْسَلَ اللهُ ابنَهُ فِي جَسَدٍ كَجَسَدِنَا، إلَّا أنَّهُ لَمْ يُخطِئْ. فَكَانَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، وَأدَانَ اللهُ الخَطِيَّةَ فِي جَسَدٍ بَشَرِيٍّ! هَكَذَا تَتَحَقَّقُ مَطَالِبُ الشَّرِيعَةِ العَادِلَةُ فِينَا نَحْنُ الَّذِينَ نَسْلُكُ حَسَبَ الرُّوحِ، لَا حَسَبَ طَبِيعَتِنَا الجَسَدِيَّةِ.

فَالَّذِينَ يَعِيشُونَ حَسَبَ طَبِيعَتِهِمُ الجَسَدِيَّةِ، تَتَرَكَّزُ أفكَارُهُمْ عَلَى رَغَبَاتِ تِلْكَ الطَّبِيعَةِ. أمَّا الَّذِينَ يَحْيَونَ حَسَبَ الرُّوحِ القُدُسِ، فَتَتَرَكَّزُ أفكَارُهُمْ عَلَى مَا يَرْغَبُ الرُّوحُ فِيهِ. فَالتَّفكِيرُ الخَاضِعُ لِلطَّبِيعَةِ الجَسَدِيَّةِ يُنتِجُ مَوْتًا، أمَّا التَّفكِيرُ الخَاضِعُ لِلرُّوحِ فَيُنتِجُ حَيَاةً وَسَلَامًا. فَالتَّفكِيرُ الخَاضِعُ لِلطَّبِيعَةِ الجَسَدِيَّةِ مُعَادٍ للهِ، لِأنَّهُ لَا يَخْضَعُ لِشَرِيعَةِ اللهِ، بَلْ وَلَا يُمكِنُهُ أنْ يَخْضَعَ! كَمَا لَا يُمْكِنُ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ يَعِيشُونَ حَسَبَ طَبِيعَتِهِمُ الجَسَديَّةِ أنْ يُرضُوا اللهَ. أمَّا أنْتُمْ فَلَسْتُمْ خَاضِعِينَ لِلطَّبِيعَةِ الجَسَدِيَّةِ، بَلْ لِلرُّوحِ، إنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِنًا فِيكُمْ. لَكِنْ إنْ كَانَ أحَدٌ لَيْسَ فِيهِ رُوحُ المَسِيحِ، فَهوَ لَا يَنْتَمِي لِلمَسِيحِ.

10 إنَّ أجسَادَكُمْ مَيِّتَةٌ بِسَبَبِ الخَطِيَّةِ، لَكِنْ إنْ كَانَ المَسيحُ فِيكُمْ، فَالرُّوحُ حَيَاةٌ لَكُمْ، لأنَّكُمْ قَدْ تَبَرَّرتُمْ. 11 وَإنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أقَامَ المَسِيحَ مِنَ المَوْتِ سَاكِنًا فِيكُمْ، فَإنَّ الَّذِي أقَامَهُ مِنَ المَوْتِ سَيُعطِي أيْضًا حَيَاةً لِأجسَامِكُمُ الفَانِيَةِ بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ.

12 لِذَلِكَ فَإنَّنَا لَسْنَا مُلتَزِمِينَ، أيُّهَا الإخْوَةُ، نَحْوَ طَبِيعَتِنَا الجَسَديَّةِ لِنَعِيشَ حَسَبَهَا. 13 لِأنَّكُمْ إنْ عِشتُمْ حَسَبَ طَبِيعَتِكُمُ الجَسَديَّةِ، فَسَتَمُوتُونَ. لَكِنْ إذَا أمَتُّمْ أعْمَالَ تِلْكَ الطَّبِيعَةِ بِالرُّوحِ، فَسَتَحْيَونَ.

14 فَالَّذِينَ يَتْبَعُونَ قِيَادَةَ رُوحِ اللهِ هُمْ أبْنَاءُ اللهِ. 15 لِأنَّ الرُّوحَ الَّذِي أخَذتُمُوهُ، لَا يَجْعَلُكُمْ عَبِيدًا لِتَعُودُوا إلَى الخَوفِ بَلْ يَجْعَلُكُمْ أبْنَاءً للهِ بِالتَّبَنِّي. وَنَحْنُ نَصْرُخُ بِهَذَا الرُّوحِ مُنَادِينَ الآبَ: «يَا بَابَا!»[b] 16 وَالرُّوحُ نَفْسُهُ يَشْهَدُ مَعَ أروَاحِنَا أنَّنَا أبْنَاءُ اللهِ. 17 وَبِمَا أنَّنَا أبْنَاءُ اللهِ، فَإنَّنَا وَرَثَتُهُ أيْضًا، وَنَحْنُ شُرَكَاءُ فِي الإرثِ مَعَ المَسِيحِ. فَإنْ كُنَّا نُشَارِكُهُ الألَمَ، فَسَنُشَارِكُهُ المَجْدَ أيْضًا.

مَجْدُ المُسْتَقْبَل

18 فَأنَا أعتَبِرُ آلَامَنَا فِي هَذِهِ الحَيَاةِ لَا شَيءَ بِالقِيَاسِ مَعَ مَجْدِ المُسْتَقْبَلِ الَّذِي سَيَكْشِفُهُ اللهُ لَنَا. 19 فَإنَّ العَالَمَ المَخْلُوقَ يَنْتَظِرُ بِاشتِيَاقٍ ذَلِكَ الوَقْتَ الَّذِي فِيهِ سَيُعلِنُ اللهُ أبْنَاءَهُ. 20 فَقَدْ أُخضِعَ هَذَا العَالَمُ المَخْلُوقُ لِحَالَةٍ فَقَدَ فِيهَا قِيمَتَهُ! لَا بِاختِيَارِهِ، بَلْ بِمَشِيئَةِ اللهِ نَفْسِهِ. لَكِنْ هُنَاكَ رَجَاءٌ، 21 وَهُوَ أنْ يَتَحَرَّرَ هَذَا العَالَمُ المَخْلُوقُ أيْضًا مِنْ عُبُودِيَّتِهِ لِلفَسَادِ، وَيَتَمَتَّعَ بِالحُرِّيَّةِ المَجِيدَةِ الَّتِي لِأبْنَاءِ اللهِ.

22 وَنَحْنُ نَعْلَمُ أنَّهُ حَتَّى هَذَا اليَوْمِ، يَئِنُّ العَالَمُ المَخْلُوقُ كُلُّهُ مَعًا كَامْرَأةٍ فِي آلَامِ الوِلَادَةِ. 23 وَلَيْسَ العَالَمُ المَخْلُوقُ وَحْدَهُ، بَلْ نَحْنُ أيْضًا نَئِنُّ فِي أعمَاقِنَا، نَحْنُ الَّذِينَ أخَذنَا الرُّوحَ القُدُسَ كَأوَّلِ حَصَادِ بَرَكَاتِ اللهِ. وَنَحْنُ أيْضًا نَنتَظِرُ بِشَوقٍ أنْ يَتَبَنَّانَا اللهُ بِشَكلٍ كَامِلٍ، حِينَ يُحَرِّرُ أجسَامَنَا. 24 لَقَدْ خَلُصْنَا، وَلِهَذَا فَإنَّ قُلُوبَنَا مَملُوءَةٌ بِهَذَا الرَّجَاءِ. وَلَوْ أمكَنَنَا أنْ نَرَى مَا نَرجُوهُ، فَإنَّ الرَجَاءَ لَا يَعُودُ رَجَاءً. فَلَا يُمْكِنُ لأحَدٍ أنْ يَرْجُوَ مَا يَمْلِكُهُ بِالفِعْلِ. 25 وَلَكِنْ بِمَا أنَّنَا نَرجُو مَا لَا نَملُكُهُ، فَإنَّنَا نَتَشَوَّقُ إلَيْهِ بِصَبْرٍ.

26 كَذَلِكَ يُعِينُنَا الرُّوحُ القُدُسُ أيْضًا فِي ضَعفِنَا، فَنَحْنُ لَا نَعْرِفُ كَيْفَ نُصَلِّي كَمَا يَنْبَغِي، لَكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يُصَلِّي مِنْ أجْلِنَا بِأنَّاتٍ لَا يُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْكَلَامِ. 27 وَاللهُ الَّذِي يَفْحَصُ القُلُوبَ يَعْرِفُ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ، لِأنَّ الرُّوحَ يُصَلِّي مِنْ أجْلِ المُؤمِنِينَ المُقَدَّسِينَ بِمَا يُوافِقُ إرَادَةَ اللهِ. 28 وَنَحْنُ نَعْلَمُ أنَّ اللهَ يَجْعَلُ كُلَّ الأشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِخَيرِ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُ، المَدعُوِّينَ حَسَبَ إرَادَتِهِ. 29 اخْتَارَهُمُ اللهُ مُسْبَقًا، وَقَدَّسَهُمْ لَهُ مُسْبَقَا، لِيَكُونُوا عَلَى صُورَةِ ابنِهِ، وَذَلِكَ لِيَكُونَ ابْنُهُ بِكْرًا[c] بَيْنَ إخْوَةٍ كَثِيرِينَ. 30 ثُمَّ دَعَا الَّذِينَ قَدَّسَهُمْ، ثُمَّ بَرَّرَ الَّذِينَ دَعَاهُمْ، ثُمَّ مَجَّدَ الَّذِينَ بَرَّرَهُمْ.

مَحَبَّةُ اللهِ فِي المَسِيحِ يَسُوع

31 فَمَاذَا نَقُولُ فِي ضَوْءِ هَذَا كُلِّهِ؟ إنْ كَانَ اللهُ إلَى جَانِبِنَا، فَمَنْ يَصْمُدُ ضِدَّنَا؟ 32 وَإنْ كَانَ اللهُ لَمْ يَمْنَعْ عَنَّا ابنَهُ الوَحِيدَ، بَلْ أسلَمَهُ لِلمَوْتِ مِنْ أجْلِنَا جَمِيعًا، أفَلَا يَكُونُ مُسْتَعِدًّا لإعطَائِنَا كُلَّ شَيءٍ مَعَهُ؟ 33 مَنِ الَّذِي سَيَشْتَكي عَلَىْ الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللهُ؟ فَاللهُ هُوَ الَّذِي يُبَرِّئُهُمْ. 34 وَمَنِ الَّذِي سَيَدِينُهُمْ؟ فَالمَسِيحُ يَسُوعُ هُوَ الَّذِي مَاتَ وَقَامَ، وَهُوَ أيْضًا الَّذِي يَجْلِسُ عَنْ يَمِينِ اللهِ يُحَامِي عَنَّا. 35 فَمَنْ يَقْدِرُ أنْ يَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ المَسِيحِ؟ أتَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ الضِّيقَاتُ، أمِ المَشَقَّاتُ، أمْ الاضطِهَادَاتُ، أمِ الجُوعُ، أمِ العُريُ، أمِ الأخطَارُ، أمِ المَوْتُ بِالسَّيفِ؟ 36 فَكَمَا يَقُولُ الكِتَابُ:

«إنَّنَا مِنْ أجْلِكَ نُواجِهُ خَطَرَ المَوْتِ
طَوَالَ النَّهَارِ.
وَنَحْنُ مَحسُوبُونَ كَغَنَمٍ لِلذَّبحِ.»[d]

37 غَيْرَ أنَّنَا فِي كُلِّ هَذِهِ الشَّدَائِدِ، مُنتَصِرُونَ انتِصَارًا مَجِيدًا جِدًّا مِنْ خِلَالِ ذَاكَ الَّذِي أحَبَّنَا. 38 فَأنَا مُقتَنِعٌ بِأنَّهُ مَا مِنْ شَيءٍ يَقْدِرُ أنْ يَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي المَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. فَلَا مَوْتَ وَلَا حَيَاةَ، وَلَا مَلَائِكَةَ وَلَا أروَاحَ مُتَسَلِّطَةً، وَلَا شَيءَ فِي الحَاضِرِ، وَلَا شَيءَ فِي المُسْتَقْبَلِ، وَلَا قُوَىً رُوحِيَّةً، 39 وَلَا شَيءَ مِمَّا فَوقَنَا، وَلَا شَيءَ مِمَّا تَحْتَنَا، وَلَا أيَّ شَيءٍ آخَرَ مَخْلُوقٍ يُمْكِنُ أنْ يَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي لَنَا فِي المَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.

Footnotes

  1. 8‏:2 حرّرتك أوْ حرّرتني.
  2. 8‏:15 يَا بَابَا حرفيَا «أبَا أوْ آبَا.» وَهِيَ كَلِمَةٌ أرَامية يستخدمهَا الأطْفَال لمنَادَاة آبَائهم.
  3. 8‏:29 بكرًا أيْ متقدّمًا.
  4. 8‏:36 المَزْمُور 44‏:22.

الحياة بحسب الروح

فَالآنَ إِذاً لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيَّةُ دَيْنُونَةٍ بَعْدُ. لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ حَرَّرَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيئَةِ وَمِنَ الْمَوْتِ. فَإِنَّ مَا عَجَزَتِ الشَّرِيعَةُ عَنْهُ، لِكَوْنِ الْجَسَدِ قَدْ جَعَلَهَا قَاصِرَةً عَنْ تَحْقِيقِهِ، أَتَمَّهُ اللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ، مُتَّخِذاً مَا يُشْبِهُ جَسَدَ الْخَطِيئَةِ وَمُكَفِّراً عَنِ الْخَطِيئَةِ فَدَانَ الْخَطِيئَةَ فِي الْجَسَدِ حَتَّى يَتِمَّ فِينَا الْبِرُّ الَّذِي تَسْعَى إِلَيْهِ الشَّرِيعَةُ، فِينَا نَحْنُ السَّالِكِينَ لَا بِحَسَبِ الْجَسَدِ بَلْ بِحَسَبِ الرُّوحِ. فَإِنَّ الَّذِينَ هُمْ بِحَسَبِ الْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ بِأُمُورِ الْجَسَدِ، وَالَّذِينَ هُمْ بِحَسَبِ الرُّوحِ يَهْتَمُّونَ بِأُمُورِ الرُّوحِ. فَاهْتِمَامُ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ؛ وَأَمَّا اهْتِمَامُ الرُّوحِ فَهُوَ حَيَاةٌ وَسَلامٌ. لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ لِلهِ، إِذْ إِنَّهُ لَا يَخْضَعُ لِنَامُوسِ اللهِ، بَلْ لَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ. فَالَّذِينَ هُمْ تَحْتَ سُلْطَةِ الْجَسَدِ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللهَ.

وَأَمَّا أَنْتُمْ، فَلَسْتُمْ تَحْتَ سُلْطَةِ الْجَسَدِ بَلْ تَحْتَ سُلْطَةِ الرُّوحِ، إِذَا كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِناً فِي دَاخِلِكُمْ حَقّاً. وَلكِنْ، إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ، فَهُوَ لَيْسَ لِلْمَسِيحِ. 10 وَإذَا كَانَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ، فَمَعَ أَنَّ الْجَسَدَ مَائِتٌ بِسَبَبِ الْخَطِيئَةِ، فَإِنَّ الرُّوحَ حَيَاةٌ لَكُمْ بِسَبَبِ الْبِرِّ. 11 وَإذَا كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ يَسْكُنُ فِيكُمْ، فَإِنَّ الَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ سَوْفَ يُحْيِي أَيْضاً أَجْسَادَكُمُ الْفَانِيَةَ بِسَبَبِ رُوحِهِ الَّذِي يَسْكُنُ فِيكُمْ.

12 فَلَيْسَ عَلَيْنَا إِذَنْ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَيُّ الْتِزَامٍ نَحْوَ الْجَسَدِ لِنَعِيشَ بِحَسَبِ الْجَسَدِ. 13 لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ بِحَسَبِ الْجَسَدِ، فَإِنَّكُمْ سَتَمُوتُونَ، وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ، فَسَتَحْيَوْنَ. 14 فَإِنَّ جَمِيعَ الْخَاضِعِينَ لِقِيَادَةِ رُوحِ اللهِ، هُمْ أَبْنَاءٌ لِلهِ. 15 إِذْ إِنَّكُمْ لَمْ تَنَالُوا رُوحَ عُبُودِيَّةٍ يُعِيدُكُمْ إِلَى الْخَوْفِ، بَلْ نِلْتُمْ رُوحَ بُنُوَّةٍ بِهِ نَصْرُخُ: «أَبَا! أَبَانَا!» 16 فَالرُّوحُ نَفْسُهُ يَشْهَدُ مَعَ أَرْوَاحِنَا بِأَنَّنَا أَوْلادُ اللهِ. 17 وَمَادُمْنَا أَوْلاداً، فَنَحْنُ أَيْضاً وَارِثُونَ؛ وَرَثَةُ اللهِ وَشُرَكَاءُ الْمَسِيحِ فِي الإِرْثِ. وَإِنْ كُنَّا الآنَ نُشَارِكُهُ فِي مُقَاسَاةِ الأَلَمِ، فَلأَنَّنَا سَوْفَ نُشَارِكُهُ أَيْضاً فِي التَّمَتُّعِ بِالْمَجْدِ.

آلام الزمان الحاضر والمجد الآتي

18 فَإِنِّي مُقْتَنِعٌ بِأَنَّ آلامَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لَيْسَتْ شَيْئاً إِذَا قِيسَتْ بِالْمَجْدِ الآتِي الَّذِي سَيُعْلَنُ فِينَا. 19 ذَلِكَ أَنَّ الْخَلِيقَةَ تَتَرَقَّبُ بِلَهْفَةٍ أَنْ يُعْلَنَ أَبْنَاءُ اللهِ، 20 لأَنَّ الْخَلِيقَةَ قَدْ أُخْضِعَتْ لِلْبَاطِلِ، لَا بِاخْتِيَارِهَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الَّذِي أَخْضَعَهَا، عَلَى رَجَاءِ أَنْ 21 تُحَرَّرَ هِيَ أَيْضاً مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ الْمَجْدِ الَّتِي لأَوْلادِ اللهِ. 22 فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ الْخَلِيقَةَ كُلَّهَا تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعاً حَتَّى الآنَ. 23 وَلَيْسَ هِيَ وَحْدَهَا، بَلْ أَيْضاً نَحْنُ الَّذِينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوحِ، نَحْنُ أَنْفُسُنَا نَئِنُّ فِي قَرَارَةِ نُفُوسِنَا مُتَرَقِّبِينَ إِعْلانَ بُنُوَّتِنَا بِافْتِدَاءِ أَجْسَادِنَا. 24 فَإِنَّنَا قَدْ خَلَصْنَا، إِنَّمَا بِالرَّجَاءِ؛ وَلَكِنَّ الرَّجَاءَ مَتَى رَأَيْنَاهُ لَا يَكُونُ رَجَاءً؛ فَمَا يَرَاهُ الإِنْسَانُ لِمَاذَا يَرْجُوهُ بَعْدُ؟ 25 وَلكِنْ، إِنْ كُنَّا نَرْجُو مَا لَا نَرَاهُ، فَبِالصَّبْرِ نَتَوَقَّعُهُ. 26 وَكَذلِكَ الرُّوحُ أَيْضاً يُمِدُّنَا بِالْعَوْنِ لِنَقْهَرَ ضَعْفَنَا. فَإِنَّنَا لَا نَعْلَمُ مَا يَجِبُ أَنْ نُصَلِّيَ لأَجْلِهِ كَمَا يَلِيقُ، وَلَكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يُؤَدِّي الشَّفَاعَةَ عَنَّا بِأَنَّاتٍ تَفُوقُ التَّعْبِيرَ. 27 عَلَى أَنَّ فَاحِصَ الْقُلُوبِ يَعْلَمُ قَصْدَ الرُّوحِ، لأَنَّ الرُّوحَ يَشْفَعُ فِي الْقِدِّيسِينَ بِمَا يُوَافِقُ اللهَ.

أعظم من منتصرين

28 وَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ اللهَ يَجْعَلُ جَمِيعَ الأُمُورِ تَعْمَلُ مَعاً لأَجْلِ الْخَيْرِ لِمُحِبِّيهِ، الْمَدْعُوِّينَ بِحَسَبِ قَصْدِهِ. 29 لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ، سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ أَيْضاً لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ لِيَكُونَ هُوَ الْبِكْرَ بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ. 30 وَالَّذِينَ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ، فَهؤُلاءِ دَعَاهُمْ أَيْضاً. وَالَّذِينَ دَعَاهُمْ، فَهؤُلاءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضاً. وَالَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهؤُلاءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضاً.

31 فَبَعْدَ هَذَا، مَاذَا نَقُولُ؟ مَادَامَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ يَكُونُ عَلَيْنَا؟ ذَاكَ الَّذِي لَمْ يُمْسِكْ عَنَّا ابْنَهُ، 32 بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا جَمِيعاً، كَيْفَ لَا يَجُودُ عَلَيْنَا مَعَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ أَيْضاً؟ 33 وَمَنْ سَيَتَّهِمُ مُخْتَارِي اللهِ؟ إِنَّ اللهَ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ، 34 فَمَنْ ذَا يَدِينُ؟ إِنَّهُ الْمَسِيحُ يَسُوعُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالأَحْرَى قَامَ، وَهُوَ أَيْضاً عَنْ يَمِينِ اللهِ، وَهُوَ يَشْفَعُ فِينَا أَيْضاً. 35 فَمَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ لَنَا؟ هَلِ الشِّدَّةُ أَمِ الضِّيقُ أَمِ الاِضْطِهَادُ أَمِ الْجُوعُ أَمِ الْعُرْيُ أَمِ الْخَطَرُ أَمِ السَّيْفُ؟ 36 بَلْ كَمَا قَدْ كُتِبَ: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُعَانِي الْمَوْتَ طُولَ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا كَأَنَّنَا غَنَمٌ لِلذَّبْحِ!» 37 وَلكِنَّنَا، فِي جَمِيعِ هَذِهِ الأُمُورِ، نُحْرِزُ مَا يَفُوقُ الانْتِصَارَ بِالَّذِي أَحَبَّنَا. 38 فَإِنِّي لَعَلَى يَقِينٍ بِأَنَّهُ لَا الْمَوْتُ وَلا الْحَيَاةُ، وَلا الْمَلائِكَةُ وَلا الرِّيَاسَاتُ، وَلا الأُمُورُ الْحَاضِرَةُ وَلا الآتِيَةُ، وَلا الْقُوَّاتُ، 39 وَلا الأَعَالِي وَلا الأَعْمَاقُ، وَلا خَلِيقَةٌ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.